أثار إعلان شباب بريطانيون أنهم يودون قضاء عطلة الصيف في المملكة العربية السعودية موجة من ردود الفعل المرحبة والرافضة لهذه الفكرة داخل المملكة. فقد جرت العادة من قبل أن يبحث الشباب السعودي المبتعث إلى المملكة المتحدة عن عائلة بريطانية لقضاء فترة الصيف معها بهدف تعلم وإتقان اللغة الإنجليزية، إلا أن الوضع مختلف تماماً هذه المرة.
وبحسب تقرير لصحيفة "المدينة" السعودية، فقد أعرب الطلاب البريطانيون وليام، ربنسون، جاك، وماريا، والذين يدرسون اللغة العربية في معهد أكسفورد للغات، عن رغبتهم في أن تقبل عائلات سعودية استضافتهم ليقضوا معها إجازة الصيف الحالية، وذلك عبر رسالة كتبوها باللغة الانجليزية على صدر صفحات مجموعات الطلاب السعوديين المبتعثين في المملكة المتحدة وأيرلندا على "الفيس بوك"، وفي محاولة لتبديد أي مخاوف لدى المضيفين المحتملين نتيجة اختلاف العادات، طمأن الشاب مضيفيهم بأنهم على دراية تامة بجميع العادات السعودية.
وقال وليام: "أعرف العادات والتقاليد الاجتماعية السعودية، لذلك لا أعتقد أنني لو وجدت عائلة تقبل استضافتي سأواجه أي مشكلات"، كما أكد ربنسون خلال رسالته التي نشرها في مجموعات "الفيس بوك"، قدرته على مواءمة الظروف والتكيف مع متطلبات مضيفيه، أما ربنسون فأعرب عن أمله بأن ينجح في إتقان التحدث باللهجة الخليجية، مشيراً إلى أن "معظم من يتحدثون العربية من البريطانيين يتقنون إما اللهجة المصرية أو الشامية، لكن قلة هم الذين يجيدون اللهجة الخليجية".
ومن جهة أخرى تفاوتت ردود فعل الشباب السعودي على هذه الدعوة، حيث أعرب مروان الكعكي عن استعداده لاستقبال أحد هؤلاء الشباب في بيته ومساعدته على تعلم العربية، ولكن شرط أن تسهل الحكومة البريطانية إجراءات التأشيرة والسفر للطلاب السعوديين المبتعثين، وتابع "إن استطاع أن يفعل ذلك فمرحباً به في بلادنا، ولكن طالما حكومته تواصل تعقيد الإجراءات ضد الطلاب فلا مرحباً بأي بريطاني".
أما الشاب علي محمود فرحب باستقبال احد الضيوف البريطانيين، مشيراً إلى انه ربما يكون أحدهم سفير نوايا حسنة يسهم في تحسين صورة السعوديين والتي نقلها الإعلام الغربي في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2001، ومازال المبتعثون يعانون بسببها، وأضاف "لكن في هذه الحالة فنحن شعب عربي مسلم له عادات وتقاليد، يجب أن يتعلموا التعايش معها".
أما عبدالله الشهري فقد رأى عدم وجود مكان يناسب استقبال هؤلاء البريطانيين سوى المدينة السكنية للعاملين بأرامكو بالظهران، مشيراً إلى أنه بإمكانهم تعلم العربية بل الخليجية من خلال الاحتكاك بالموظفين السعوديين العاملين في المدينة.
لكن محمد السلمي أعرب عن رفضه استقبال البريطانيين شكلاً وموضوعاً، وذلك لاختلاف العادات والتقاليد والديانة. وتابع "نحن الرجال لا يدخل الغرباء بيوتنا حتى لو كانوا مسلمين فمال بالك بهذا القادم من بلاد الغرب، معتبراً أن قبول دفعة من هؤلاء قد يكون فتحاً لأبواب نحن في غنى عنها، وأشار إلى أنه إذا كان من الضروري استقبالهم فعليهم أن يبحثوا لهم عن بيت للعزوبية وما أكثرهم.
من جهته، قال الداعية الإسلامي الدكتور علي بادحدح إنه لا ضير من تعليم الآخرين اللغة العربية لاسيما إذا كان من يريد تعلمها من الطلبة المسلمين، موضحاً أن تعليم المسلمين لغة دينهم هي من الأمور العظيمة التي يثاب عليها الإنسان، وأشار بادحدح إلى أن الكثير من أبناء المسلمين في الغرب بحاجة ماسة إلى من يعلمهم اللغة والثقافة العربية والإسلامية.
وفي ما يتعلق بمدى مشروعية استضافة طلاب أجانب في البيوت لتعليمهم اللغة، قال بادحدح إنه لا بأس من ذلك شرط أن يكون الضيف في وضع مناسب ومبنى مستقل خاص بالضيوف ولا يختلط مع أهل الدار، مع الالتزام بالآداب الإسلامية العامة، وإن تحققت تلك الشروط فلا بأس من الاستضافة، والأمر فيه سعة.